الاثنين، 2 يناير 2012

الشباب وعلو الهمة


لقد كان الشباب قديما وحديثا عماد الأمم ووقودها الذي تسير به، والمتأمل في تاريخ الأمم يجد أن الشباب هم الذين يقودون دائما،  وذلك لأن لديهم مميزات تميزهم عن غيرهم ومن أهم ما يميز الشباب:
1-  أن الشباب هم رجال الغد ؛ وعليهم مهمة تربية الأجيال القادمة ؛ وإليهم تؤول قيادة الأمة في جميع مجالاتها.
2-  أن في صلاح الشباب صلاح الأمة ، وأن في فسادهم فساد لها لأنهم هم القوة المتحركة في المجتمع.
3-  أن الشباب لم يكتمل نضجه بعد ، فهو قابل للتشكل والتغير وقادر على التوجيه وتحمل المشاق.
4-  أن فترة الشباب هي المرحلة التي يتمتع فيها الإنسان بكامل قواه الجسدية.

  فمرحلة الشباب  إذا من  أهم مراحل عمر الإنسان لأنها  مرحلة قوة بين ضعفين ، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذه المرحلة في أكثر من آية فقال تعالى مذكر بنعمة الشباب: "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل  من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة" وهذه القوة هي مرحلة الشباب.
وقال تعالى في وصف  نبيه إبراهيم عليه السلام : "قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم" فوصفه بأنه فتى.  وقال تعالى  واصفا الشباب الذين هاجروا خوفا على دينهم : "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى".
كما نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهمية هذه المرحلة في أكثر من حديث ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة : "وشاب نشأ في طاعة الله... "
كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يكل الكثيرمن المهام إلى الشباب ثقة فيهم وتربية لهم على علو الهمة والمشاركة في بناء المجتمع ، فقد شاور أسامة بن زيد في حادثة الإفك ، وسلمه قيادة الجيش الذي وجهه إلى الروم ، وجعل عتاب بن أسيد أميرا على مكة ، وأرسل مصعب بن عمير داعية إلى أهل المدينة ، فأسلم على يديه أكثر أهلها ودخل نور الإسلام كل بيت من بيوتها.
وقد  كان أكثر حملة الإسلام الأوائل من الشباب في أول زمن البعثة ، فهذا   علي بن أبي طالب والزبير ابن العوام وأبو ذر الغفاري  و معاذ ابن جبل... وقد كان أكثر  أصحاب النبي صلى الله  شبابا ، فقام عليهم الدين وحملوه على أكتافهم حتى أعزهم الله ونصرهم.
ولم يكن هؤلاء الشباب ليصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا لأن  همم  كانت عالية  فلم يكونوا يضيعون وقتهم في  ما لا فائدة فيه بل إنهم كانوا يستعجلون  ويتحمسون لحمل هموم  الأمة  وقضاياها قبل بلوغهم  فهاهو ابن عباس ولم يتجاوز الثانية عشر من عمره  يقول لأحد أصحابه يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:" تعال بنا نجمع العلم فقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ومتى يحتاج إلينا"  فبعد أربع سنوات أصبح  ابن عباس من أعلم الصحابة ، فلنا في حبر الأمة أسوة حسنة فهكذا يجب أن تكون همم شبابنا اليوم  ولنستشعر قول ابن عباس "تعال بنا نجمع العلم" فما أحوج أمتنا اليوم إلى من يجمع لها  العلم ويحمل همومها  وقضاياها 
وإذا كانت النفوس كبارا      تعبت في مرادها الأجسام.

 فلنعلم أننا محتاج لنا وأن مجتمعنا لن يصلح إلا بسواعدنا وجهودنا، وليكن شعارنا دائما قول علال الفاسي :
أبعد بلوغي خمس عشرة ألعب     وألهو بلذات الحياة وأطرب
ولي نظر عال ونفس أبية          مقاما على هام المجرة تطلب
وعندي آمال أريد بلوغها         تضيع إذا لاعبت دهري وتذهب
ولي أمة منكودة الحظ لم تجد       سبيلا إلى العيش الذي تتطلب
على أمرها أنفقت دهري تحسرا     فما طاب لي طعم ولا لذ مشرب
ولا راق لي نوم وإن نمت ساعة       فإني على جمر الغضا أتقلب.

وقد خص الله الشباب بخصائص لم تعط لغيره ومن هذه الخصائص  : الإيمان القوي – والإخلاص – والحماسة  كما يقول الإمام حسن البنا رحمه الله : "إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها ، وتوفر الإخلاص في سبيلها ، وازدادت الحماسة لها ، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها ، وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة : الإيمان، والإخلاص ، والحماسة ، والعمل من خصائص الشباب . لان أساس الإيمان القلب الذكي ، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي ، وأساس الحماسة الشعور القوي ، وأساس العمل العزم الفتي ، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب ، ومن هنا كان الشباب قديما و حديثا في كل أمة عماد نهضتها ، وفي كل نهضة سر قوتها ، وفي كل فكرة حامل رايتها: "إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمنوا بربهم وزدناهم هدى".
 و إذا كانت هذه هي خصائص الشباب فإن علينا معشر الشباب  أن نستشعر أن واجباتنا ستكون لا محالة كثيرة ..واجباتنا  تجاه مجتمعنا  وتجاه وطننا  وتجاه أمتنا ... وأن نتذكر ثقل الأمانة التي  في أعناقنا  ،  ويتطلب منا ذلك  أن نفكر طويلا ، وأن نعمل كثيرا ، وأن نحدد مواقفنا وأهدافنا  وأن نتقدم لإنقاذ الأمة من هذا الواقع المزري ، وأن نعلم  أن هذه الأمة لها علينا حقوق يجب أن نوفيها، ولتكن هممنا عالية ولنقتدي بمصعب ابن عمير ومحمد الفاتح.. 
شباب قنع لا خير فيهم      وبورك في الشباب الطامحينا.
وليست أحداث الربيع العربي إلا خير دليل على أن الشباب ما زال فيهم من يستطيع تغيير واقع هذه الامة  ويقدم نفسه ووقته وماله فداء لها،  فقد أثبتت  هذه الاحداث أنهم  هم من يصنع  التغيير ويقوده   فقد كان الشباب هم من قاد هذه الثورات المباركة  وساهم في إنجاحها.
ومما يعين على علو الهمة تذكر  أن   الشباب نعمة من نعم الله وأنها لن تدوم فلنعمل قبل فوات الأوان ولنتذكر أن شكر نعم الله هو صرفها في طاعته فلنضرف أوقاتنا فيما ينفع  وطننا وأمتنا، ونعلم أن  الشباب لن يدوم وأن نضارته لابد أن يعقبها البلى والتغير ولنتذكر قول المارودي:
أقبل على صلواتك الخمس    كم مصبح وعساه لا يمسي
واستقبل اليوم الجديد بتوبة    تمحو ذنوب صحيفة الأمس
فليفعلن بوجهك الغض البلى   فعل الظلام بصورة الشمس.
ولنعلم أن هذه النعمة سنسأل عنها فلنعد للسؤال جوابا، فالإنسان يحاسب على عمره كله ، ولكنه  يحاسب حسابا    مستقلا عن  هذه المرحلة العمرية  " وعن شبابه في ما أبلاه" ، فلنتذكر هذا ولنجتهد في خدمة  مجتمعنا والسعي  لتقديم الخير له في كل مجالات الحياة،  فمجتمعنا وأمتنا وأوطاننا  بحاجة إلى جهودنا فلنخلص لله ولنعمل ولا نستقل  ما نقوم به أو نتكاسل فالفرصة ما زالت قائمة  والأمة في حاجة لتكاتف جهود أبنائها من أجل الحفاظ على أمجادد الأجداد  والرجوع بالأمة إلى ماضيها الزاهر فلنبادر إخواني قبل  أن نبادر.
ونحن في مدونة  شباب القدية نفتح  قلوبنا ونمد أيدينا لكل شباب المنطقة  ونتعاهد معم على بناء مدينتنا بسواعد أبنائها ، ونطلب منهم أن يتواصلوا معنا عبر المقالات  والكتابات وكما هو شعارنا فإننا نرحب "بالإبداع الملتزم".

المصطفى ولد الشيخ

هناك 4 تعليقات:

  1. لبسم الله الرحمن الرحيم

    الرجاء قراءة و مراجعة ما تكتبون قبل نشره، فهناك أخطاء كان من الممكن تحاشيها فحالت دون بلوغ الهدف حيث حرفت بعض المعاني.
    الرجاء التركيز.
    أفضل عدم الكتابة من كتابة بـأخطاء قاتلة.

    ناصح أمين

    ردحذف
  2. شكرا لك أح مصطفى ولد الشيخ والشكر موصول لكل شباب القدية على هذا الموقع الرائع

    ردحذف
  3. شكرا لكي أخي المصطفى على هذ المقال الذي نرجو من الشباب انيمتثلوه.ونقول لك أعد إن الكريم عائد.
    م.بالمدونة

    ردحذف
  4. شكرا لصاحب التعليق الأول "الناصح الأمين"
    فعلا قد تكون هنالك بغض الأخطاء من قبل أعضاء التحرير
    نعدك إن شاء الله بعدم تكريرها وقد وصلت رسالتك للجهات المعنية فشكرا على ملاحطتك وسنأخذها بغين الاعتبار
    أحد أعضاء التحرير بالمدونة

    ردحذف


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عالم الإحتراف ©2013-2014 | إتصل بنا | سياسة الخصوصية